إخوان الأردن: فك الارتباط بمصر مطلب داخلي وسنتعامل بإيجابية مع الانتخابات النيابية القادمة

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير هديل غبون
إخوان الأردن: فك الارتباط بمصر مطلب داخلي وسنتعامل بإيجابية مع الانتخابات النيابية القادمة
صورة أرشيفية لمسيرة سابقة للإخوان المسلمين في الأردن.Credit: KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Images/file

عمان، الأردن (CNN)-- فكّت جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن، التي تصفها السلطات الرسمية "بغير المرخصة"، ارتباطها بفرع جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، في 11 من فبراير/ شباط الجاري. وجاء ذلك تزامنا مع سلسلة من المراجعات والإصلاحات الداخلية الجوهرية، يرجّح المراقبون أن تؤدي إلى مشاركة الجماعة في الانتخابات النيابية والمجالس البلدية، بعد فترة من مقاطعة "الإخوان" لها.

وأخبر القيادي، بادي الرفايعة، CNN بالعربية، أن قرار فك الارتباط بإخوان مصر، لم يكن تكتيكا مرحليا، وإنما مطلب سابق العهد أقر بين نحو 100 تعديل طُرح منذ أكثر من عامين، وتم التصويت عليه بالإجماع عبر مجلس شورى الإخوان، بحضور "تيار الإنقاذ" الذي أعلن مؤخرا عزمه تأسيس حزب موازي لـ"جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية للإخوان.

وتسعى الجماعة بهذا التعديل إلى تسليط الضوء على مجموعة تعديلات أساسية داخلية وفقا للرفايعة، والتي ألغت شرط الاشتراكات المالية للأعضاء للمشاركة في الانتخابات الداخلية، في خطوة من شأنها أن تسيطر على الاصطفافات الداخلية وتوزيع المواقع القيادية على قاعدة المحاصصة. كما أبطأت تحركات "تيار الإنقاذ" نحو الانفصال إلى حزب مواز لـ"حزب جبهة العمل الإسلامي"، حتى إجراء الانتخابات الداخلية لقيادة الإخوان في مطلع إبريل/ نيسان القادم.  

صدام جديد داخل "إخوان الأردن" يدفع لإنشاء حزب "وطني" دون معارضة "الارشاد العالمي" أو تدخل "حماس"

وعن هذين المسارين يوضح الرفايعة أن فك الارتباط بمصر إجراء "شكلي" داخلي لم ولن يؤثر على "العلاقة التنسقية بين إخوان الأردن وإخوان العالم بمن فيهم مصر،" مرددا عبارة أن الخلافات بين الإخوان والنظام السياسي أو الدولة الأردنية هي "خلافات سياسية بامتياز" مرهونة بأزمات الإقليم.

ويؤكد القيادي مراعاة الخصوصية الأردنية لإخوان الأردن، تحت شعار "إصلاح النظام" الذي بدأ مع "الربيع العربي" ولم ينتهي معه، مشددا على أن جماعة الإخوان هي جماعة وطنية أعمالها ونشاطاتها أردنية، قائلا إن الجماعة "لم تعمل يوما سوى للمصلحة الوطنية" وإن برامجها ونشاطاتها الطلابية والنقابية والنسوية موجهة للمجتمع الأردني، واعتبر أن "خير دليل على ذلك هو المطالبات بالإصلاح مع بداية الربيع العربي."

الأردن: استقالة 300 عضو من "ذراع الإخوان السياسية" إثر تصاعد الأزمات المتلاحقة

وقال الرفايعة: "إخوان الأردن جماعة سلمية وتؤمن بالشراكة السياسية، ولسنا تابعين ونعتز باهتمامنا بالقضايا القومية، إننا مع الإصلاح."

وترجّح مصادر إخوانية للموقع، توسع التفاهمات المقبلة الداخلية، إلى إيجاد صيغة توافقية لفصل الجماعة "لأم" عن ذراعها السياسية كليا، والتحرك نحو قبول مراجعة فكرية تسمح بتعدد الأذرع والأطراف السياسية الإخوانية حتى تلك "المخالفة"، من باب الفصل بين الدعوي والسياسي، رغم ما اعتبره مراقب عام للإخوان في وقت سابق "خروجا عن قانون الجماعة."

ومن جهته، قال المراقب العام والقيادي السابق، سالم الفلاحات، إن دلالات التعديل تجيب على كثير من التخرصات التي تشغل ذهن الكثيرين، رغم عدم صحة مزاعم وجود أي ارتباط تنظيمي بمصر، وأخبر الموقع: "تاريخيا لم يحكم إخوان المنطقة القرارات المركزية، منها تبيان مواقفنا مع إخوان مصر في حرب الخليج على سبيل المثال، ويدحض التعديل اتهامات المتشبثين بهذه التهمة."

خروج الرجل الثاني في "إخوان الأردن" من السجن وسط تطلعات لاحتواء عاصفة "الاستقالات"

ويبدي القيادي البارز، وهو أحد الداعمين البارزين لفكرة الحزب الموازي، تفاؤله بأن تكون أولى التعديلات، مقدمة لتفاهمات أوسع إخوانيا لاحقا، ومراجعات "في صلب فكر الجماعة،" قائلا: "قد يتساءل البعض لماذا اليوم، وأقول بسبب أجواء الخلاف منذ خمس سنوات.. هذا تعديل يقتضي موافقة ثلثي أعضاء المجلس عموما وكانت صعبة. وقد يكون مشروعا لتفاهم داخلي أوسع."

وحتى الآن، لم تعلق أية جهة رسمية علنا على خطوة الفصل، فيما تصدرت تصريحات سابقة لمسؤولين أردنيين تشكك في شرعية الإخوان عناوين الأخبار، جاءت تزامنا مع انشقاق المراقب العام السابق، عبد المجيد الذنيبات، في جمعية جديدة دخلت نزاعا قانونيا مع جماعتها "الأم".

ومن هنا، أعرب مصدر حكومي رفيع لـCNN بالعربية، عن قلة أهمية التعديل، قائلا: "مازلنا نعتمد على الأسس القانونية معهم، وهم غير مرخصين، ارتباطهم الخارجي وأجنداتهم تقدم القضايا الإقليمية على القضايا المحلية، وإقصائيتهم هي مشكلات لا يزالون يعانون منها.. هذه مآخذ متداولة عنهم، ولابد من تجلية هذه الأمور أمام العامة."

الأردن: الإخوان الجدد ينصبون الذنيبات مراقبا عاما ويعلنون الإطاحة بقيادة الجماعة "الأم"

لكن الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، محمد أبو رمان، يُشير إلى أن العلاقة مع مصر كانت إحدى المعضلات الرئيسية التي تسببت في تفاقم الأزمة بين الدولة الأردنية والإخوان، معتبرا أن التعديل خطوة إيجابية وإن كانت متأخرة على صعيد الملفات الداخلية للإخوان، في تصريحات حصرية لموقعنا.

وقال أبو رمان: "إنها رسالة قوية للدولة وكانت ذريعة سابقة وانتهت، هناك أيضا قدر من التعديلات الداخلية تعزز استقلالية الحزب عن الجماعة، وتعكس تطورا في إدراك الإخوان السياسي للمرحلة المقبلة بخلاف خطابهم الذي سيطر عليه المراقب العام، همام سعيد، خلال السنوات الماضية."

الأردن : تسجيل جمعية جديدة باسم الإخوان المسلمين ومراقب عام الإخوان الأم يناشد الملك حل الأزمة

وأكد الرفايعة أن الذريعة المتعلقة بالارتباط الخارجي "الشكلي" لم تعد موجودة، قائلا في رده على سؤال للموقع حول تهيئ الأجواء الداخلية للمشاركة السياسية في المرحلة المقبلة، إن الإخوان "ستتعامل بإيجابية مع أية مشاركة سياسية مقبلة في حال تعاملت جميع الأطراف في البلاد بإيجابية"، مشددا على أنه "لا يوجد قرار" حتى هذه اللحظة.

وتأتي تلك التطورات في أعقاب خروج الرجل الثاني في الإخوان، زكي بني ارشيد، الذي أنهى محكوميته في السجن مؤخرا على خلفية منشور انتقد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما دفع تجميد قيادة حزب "جبهة العمل الإسلامي" استقالات 400 قيادي وعضو من الحركة الإسلامية قبل أيام وإعادة آخرين تم فصلهم سابقا، في محاولة جديدة لنزع فتيل الأزمة الداخلية بين تياري "الإنقاذ" أو الاعتدال و"تيار الصقور" المسيطر على القيادة، مع تجاوز مطالبات إعادة تشكيل الهيئات القيادية في الجماعة والحزب مرحليا.